تطلب إنهاء ترميم برج بيزا اكثر من ثماني سنوات، وهو البرج المائل الاكثر شهرة في العالم الذي كان قد شهد اعمال ترميم واسعة النطاق في تسعينات القرن الماضي عندما كان
يوشك على الانهيار.فيما يهب هواء بارد على البرج المائل، يشد ماركو بيريتيني قبعته لتغطية اذنيه ويستمر في نزع الملح البحري الذي يأكل واجهة النصب الشهير الذي شيد في العام 1173 في توسكانة على بعد اثني عشر كيلومترا تقريبا من الشاطئ.ويشرح ماركو (41 عاما) حاملا جهاز ليزر وبعض الحقن، وهو واحد من عشرة اشخاص يعملون على ترميم البرج "يجب ان يكون المرء شديد الحماسة لمحاولة انقاذ البرج، والا لن يستطيع النهوض عند الفجر لامضاء النهار بطوله منحنيا وسط درجات حرارة متدنية جدا أو مرتفعة جدا. لكنه عمل نقوم به بشغف".ويضيف بأسف "الاعمدة مزينة بعدة زخارف من الزهور أو الحيوانات، لكن الملح البحري الذي يحمله الهواء ومياه الامطار الراكدة في بعض الاماكن بسبب ميل البرج ادى الى تضرر عدد كبير منها".بدأت المرحلة الجديدة من اعمال الترميم في العام 2002: انها فترة طويلة لكن هذه المرة، بقي البرج مفتوحا امام الزوار الذين توافد مئات الآلاف منهم لرؤيتها كل سنة.ويروي السويسري انتون ساتر المشرف على المرممين "سمحنا للسياح بزيارة البرج طوال السنوات الثماني التي استغرقتها عملية الترميم. هذا يعني انه توجب علينا القيام ببعض الاعمال ليلا (...) فبفضل دفق السياح هذا، استطعنا تمويل هذه الاعمال". وعموما، تم إنفاق سبعة ملايين يورو خلال هذه المرحلة، بعد إنفاق 30 مليون يورو خلال موجة سابقة من الاعمال بين العامين 1990 و2001.وكانت الصعوبات جمة: فانحناء البرج أجبر المهندسين على نصب سقالات مائلة ايضا. وتوجب التخفيف من وزنها كي لا تثقل كاهل البرج وتجعله اكثر انحناء، فدرجة الانحناء تفوق الاربع درجات بقليل الآن.وشيئا فشيئا، تم ترميم حوالى ثمانية آلاف متر مربع من الواجهة والسقوف والجدران.يقول جوزيبي بينتفوليو المدير التقني للعمليات "لم يكن الامر يقتصر على تنظيف البرج، بل عملنا ايضا على بنية البرج، اي الحجارة والاعمدة التي كان بعضها في حالة سيئة جدا".ويوضح انتون ساتر "نزعنا الاسمنت المستعمل خلال عمليات ترميم سابقة وكذلك براز الحمام ورسوم الغرافيتي والبصمات التي يتركها السياح عندما يحاولون الحفاظ على توازنهم عند صعود السلالم".وبحسب الاسطورة، فإن احد نبلاء بيزا الاثرياء ترك ارثا من 60 قطعة نقدية لبناء برج اجراس مهيب، لكن البرج بدأ يميل عندما لم تكن قد شيدت سوى ثلاث طبقات. ومنذ ذلك الحين، بذل المهندسون المعماريون قصارى جهودهم على مر القرون للحفاظ على توازنه الهش.في العام 1987، صنفت اليونيسكو هذا النصب الرمزي على قائمة التراث العالمي، وتتوافد اليه كل سنة اعداد كبيرة من المعجبين. والكثيرون منهم يطلبون التقاط صور لهم بالقرب من النصب في وضعية توحي بأنهم يسندون البرج.وما زال على المرممين ان يعملوا حتى شباط/فبراير لنزع آخر السقالات عن البرج.ــــــــــــــــــــ