لمحة تاريخية عن مدينة المسيلة
قال القاضي ابن حماد : في سنة 315 خرج ابو القاسم محمد ابن المهدي الى المغرب فهدنه ومر منصرفه بوادي سهر ، فاختط مدينة المسيلة ، رسمها برمحه وهو على فرسه ، وأمر علي بن حمدون المعروف بابن الاندلسية ببنائها وتحصينها وتحسينها وسماها المجمدية باسمه ، فبناها وجعل لها بابين سمي احدهما باب الامور والأخر باب القاسمية نسبة الى ابي القاسم .
وبلغت المسيلى ايام علي بن حمدون وابنيه جعفر ويحي من العمخارة والحضارة الى الغاية القصوى وجمعت اليها الاقوات وانواع المأكولات ، فادخرت فكان علي بن حمدون اذا ارتفعت الاسعار يكتب الى ابي القاسميستأذنه في البيع فينهاه عنه ويأمره بالاستكثار والادخار فلم تزل الاطعمة مصونة الى ان خرج المنصور في اتباع ابي يزيد فكانت عونا له ولاجناده ، هذا مختصر كلامه .
وقال البكري : هي مدينة دليلة في بساط من الارض عليها سوران بينهما جداول ماء يستدير بالمدينة وله منافذ تسقي منها عندالحاجة ولها اسواق وحماات وحولها بساتين كثيرة ويجود عندهم القطن ،وهي كثيرة اللحم رخيصة السعر ، وبقبليها موضع يعرف بالقباب فيه قباب من بنيان الاول ، وعلى مقربة منها مدينة للاول خربة يقال لها بشليقة (بكسر اللام المشددة) فيها جدولان من ماء عذب .
وفي كتب الافرند انبناحيتها مدينة قديمة تدعى زابي ومدينة يستنيانة التي اسسها سليمان الخصي قائد يستنيان اليزنطي ، ولعلهما المذكورتان في كلام البكري .
أصبحت المسيلى عاصمة الزاب بدلا من طبنة وامتد عملها علىالحضنة الى حدود عمل باغاية شرقا ويجاور وطن صنهاجة شمالا وغربا وبه من سكان زناتة كثير ومنهم في جنوب المسيلة بنو برزال اهل جبل سالات .
رأس على عمل المسيلة علي بن جمدون وكان له ابنان جعفر ويحي ، نشأ بدار ابي القاسم بالمهدية وربيا مع اولاده و وجع جيشا لفك حصار صاحب الحمار للمهدية ولما اشتدالقتال بينهما انهزم على ابن حمدون واوى لجهله بالطريق الى موضع وعر فغرس بغله فيه وسقط من جرف عال فانكسرت عظاه ومات سنة 34، وخلفه ابنه جعفر .الذي ام بالمسيلة ابو القاسم محمد بن هاني اديب الأندلس الذائع الصيت والذي بدوره خلد جعفر بمدائحه الكثيرة البليغة منها حين قال :
خليلي اين الزاب مني وجعفر وجنات عدن بنت عنها وكوثر
فقبلي ناي عن جنة الخلد ادم فماراقه من جانب الارض منظر
لقد سرني اني امر بباله فيخبره عني بذلك مخبر
وقد ساءني ان لا أراه ببلدة بها منسك ومنه عظيم ومشعر
وقد كان لي منه شفيع مشفع به يمحص الله الذنوب ويغفر
اتى الناس افواجا اليك كأنما من الزاب بيت او من الزاب محشر
فانت لمن قد مزق الله شمله ومعشره والاهل أهل ومعشر
وله ايضا من اخرى
ابني العوالي السمهرية والمواضي المشرفية والعديد الاكثر
من منكم الملك المطاع كانه تحت السوابغ تبع في حمير ؟
وقد اورد القصيدة بطولها ابن معصوم في كتابه( سلافة العصر في محاسن الشعراء بكل مصر ) وقال عقبها : يحكي انه انشد هذه القصيدة وممدوحه راكب في جيشه ، فلما بلغ ذينك البيتن ترجل العسكر كله ولم يبق احد راكبا سوى الممدوح ، فلا يعلم سؤال كان جوابه نزول عسكر جرار غيره )
هذه المسيلة ومنها حدثتكم احمد