قطاع المنسوجات المغربي يدخل في مرحلة الركود أدت
تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية إلى تأثيرات ضارة في قطاع النسيج
والألبسة بالمغرب، حيث تجاوزت خسارة متاجر الملابس والمصانع 137 مليون
دولار، فضلاً عن فقد حولي 14 ألف وظيفة، وبسبب ذلك، نهجت الحكومة المغربية
استراتيجية وطنية لتنمية وتطوير الصادرات المغربية، خصوصاً صادرات النسيج
التي تمثل ثلثي صادرات المملكة حسب آخر إحصاء لمكتب الصرف.
وقال
التريكي زهير رئيس قسم التخطيط الاستراتيجي بـ«مغرب تصدير» التابع لوزارة
التجارة الخارجية «إن المغرب نهج هذه الاستراتيجية منذ سنة 2009 تزامناً مع
الأزمة الاقتصادية العالمية التي كان لها أثر سلبي على مختلف القطاعات
وبالخصوص قطاع النسيج والألبسة».
وأضاف «إن الاستراتيجية المذكورة
ركزت على قطاع النسيج وأعطته الأولوية بحكم أهميته الاقتصادية في المغرب،
ونظراً للآفاق الواعدة لطلب الأسواق الخارجية الذي هو في تزايد مستمر، بحكم
أن معدل نمو صادرات هذا القطاع بلغ حوالي 7 بالمئة سنوياً خلال الفترة من
سنة 2002 إلى سنة 2009 بفضل الميزة التنافسية التي يتوافر عليها».
وأوضح
أن الاستراتيجية ركزت على أسواق مستهدفة لها أثر كبير في تنمية صادرات
المغرب من النسيج والألبسة على المديين القصير والمتوسط، هي السوق الفرنسية
والإسبانية والإيطالية والبريطانية والأمريكية وبعض دول الخليج العربي،
وخصوصاً دولة الإمارات العربية، حيث يشارك المغرب في معارض كثيرة بدبي
تمهيداً لتطوير التعاون في هذا المجال بين البلدين، ثم السوق السعودية.
كما
تعتمد الاستراتيجية، حسب التريكي، على تنظيم أنشطة ترويجية لمساعدة
الشركات العاملة بقطاع النسيج والألبسة على ولوج الأسواق العالمية،
والمشاركة في معارض متخصصة، ثم إرسال بعثات إلى الأسواق الخارجية وتنظيم
لقاءات ثنائية بين الشركات المغربية والمستوردين في البلدان المستهدفة،
وكذلك تنظيم بعض اللقاءات مع صناع القرار والمديرين التنفيذيين بالشركات
الأجنبية عن طريق زيارة وفد مغربي رفيع المستوى إلى الدولة المستهدفة، ومن
خلال دعوتهم لزيارة المغرب حتى تتم لقاءات مع المصدرين المحتملين.
وأكد
أن الاستراتيجية الوطنية لتنمية وتطوير الصادرات المغربية تقوم كذلك
بحملات إعلامية عبر وسائل الإعلام المتخصصة بغرض التعريف بالمغرب بوصفه
مزوداً متميزاً للنسيج والألبسة ذات الجودة العالية.
ومن جانبه، قال
محمد نجيب بوليف «إن أهم المشاكل الحالية التي يعاني منها قطاع النسيج
والألبسة مصدرها انتهاء العمل بالاتفاقية متعددة الألياف التي كانت تحمي
السوق الأوروبية إلى حدود 2005، والتي مكنت الصين من إغراقها بمخزوناتها
المنتجة منذ سنوات، ما قلص حصة المغرب في هذه الأسواق».
وأضاف إن
ارتهان المغرب في تصديره لبعض العملات الأجنبية كالجنيه الإسترليني الذي
انخفضت قيمته كثيراً، جعل عدداً من المتعاملين مع المملكة المتحدة تنهار
هوامش أرباحهم، أضف إلى ذلك كون المغرب لم يعد قادراً على منافسة الصين في
المنتوجات المعروفة بالإنتاج الوفير.
وللنهوض بهذا القطاع الحيوي
أشار بوليف إلى ضرورة إعادة صياغة استراتيجية الإنتاج والتصدير لتأخذ في
الاعتبار المتحولات الجديدة التي عرفتها السوق العالمية، ومنها التحول
التدريجي نحو الأسواق الآسيوية والأمريكية بتنويع الصادرات واعتماد برنامج
تكويني لإيجاد أطر مكونة ومنافسة في هذا المجال، وكذلك اعتماد نموذج تمويلي
حكومي لهذا القطاع لمساعدته في السنوات الصعبة كما هو الحال حالياً خلال
الأزمة المالية والاقتصادية العالمية.
وأوضح بوليف أن الإجراءات
التي قامت بها الحكومة لم ترق إلى المستوى المطلوب، لأنها بقيت جزئية ولم
تتناول القطاع برمته، وبشكل مستقل عن الدعم وبرنامج اليقظة المعتمد دعم
المقاولات التي وجدت في موقع صعب نظراً للأزمة الحالية، خصوصاً أن الحكومة
لم تتحرك إلا بعد وصول الأزمة للمغرب، بينما كان من الممكن اتخاذ تدابير
وقائية سابقة.
ويعد قطاع النسيج والألبسة بالمغرب من القطاعات
الواعدة التي اشتغلت عليها الاستراتيجيات الحكومية منذ سنوات الثمانينات،
حيث يشغل أزيد من 40 بالمئة من الأيدي العاملة بالمملكة وتمثل صادراته ثلث
الصادرات المغربية برقم معاملات يتجاوز 13.3 مليار درهم حسب آخر إحصاء
لمكتب الصرف.
ويستفيد القطاع من العديد من الإيجابيات، منها قربه من
سوق التصدير الأوربية، ما يقلل من مدة وتكلفة النقل، وكذلك رخص اليد
العاملة قياساً لما هو موجود بدول الاتحاد الأوربي، ثم قدرته على التأقلم
والإنتاج بسرعة فائقة وفق متطلبات السوق الأوربية، غير أن هذا القطاع يعرف
بين الفينة والأخرى مجموعة من المشاكل تتجلى أساساً في المنافسة الدولية
على الأسواق العالمية، سواء من طرف تونس أو مصر أو تركيا أو الصين، وكذلك
تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية.