عقارات تونس تعاني غلاءً مفرطاً بسبب الأجانب والمغتربين يسعى
المواطن التونسي جاهداً إلى الخروج من عملية سداد دينه لأحد البنوك
المحلية عندما يجد نفسه يقوم بسداد الفوائد العالية دون أن يتمكن بعد من
سداد أي جزء من قرض بنكي حصل عليه قبل نحو أربع سنوات لاقتناء مسكن العمر
وذلك في الوقت الذي يواصل الغلاء اجتياحه لسوق العقارات في تونس، رغم
تداعيات الأزمة المالية العالمية على هذا القطاع تحديداً.
وفي هذا
الشأن، يقول أحد المواطنين، إنه مستاء جداً بعدما اكتشف أنه منذ العام 2006
وحتى هذه اللحظة لم يسدد سوى مبلغ 7.33 ألف دولار من قيمة الفوائض ومبلغ
ضئيل لا يتجاوز الثلاثة آلاف دولار من القيمة الأصلية للقرض، مضيفاً أنه
صدم بعد مراجعة كشف الاستخلاص الخاص بالقرض.
وأوضح أنه يقوم بالبحث
عن مشترٍ لمنزله في محاولة لخلاص قيمة القرض وإنهاء تعامله مع البنك، بعدما
فشل في السداد أمام نسبة الفوائض التي قال إنه يظن أنها تغيرت عما كان
متفقاً عليه مع البنك وهي نسبة تبلغ 6.75 بالمئة.
ويذكر أن البنوك
الحكومية الخاصة بمنح القروض لغرض السكن تصل قيمة القرض العليا إلى نحو 10
آلاف دولار، وبنسبة فائدة تصل في بعض الأحيان إلى نسبة 7.75 بالمئة على أن
يقع سداد القرض على مدى 20 عاماً متواصلة.
ويشار إلى أن قطاع
العقارات في تونس يشهد موجة غلاء عللها مراقبون بأنها جاءت نتيجة لغلاء
أسعار مواد البناء وتكلفة اليد العاملة الباهظة والمضاربة في هذه السوق
التي لا تتدخل فيها الدولة رغم أنها تمس القدرة الشرائية للمواطن.
ومن
جانبه، قال صاحب متجر صغير لبيع مواد البناء في تونس العاصمة إن سعر الـ50
كيلو غراماً من الإسمنت حالياً وصل إلى 4 دولارات بينما كان لا يتجاوز
الـ3.2 دولار العام 2008 إضافة إلى فقدان السوق المحلية للإسمنت.
وأكد
أنه لاحظ شكاوى كثيرة من المواطنين بخصوص غلاء أسعار الإسمنت وفقدانه من
السوق التي أدت بهم في بعض الأحيان إلى القيام بالشراء من السوق السوداء.
وتعمل
الحكومة التونسية في هذا الخصوص على زيادة أسعار الإسمنت، وفقاً لتطور
السوق المحلية مع خطتها التدريجية لتحرير الأسعار، حيث وصل سعر الطن إلى ما
فوق الـ74 دولاراً.
ومن جهة أخرى، ذكر مواطنون تونسيون آخرون أن
أسعار المنازل السكنية وصلت في أطراف العاصمة التونسية ما بين 120 و180 ألف
دينار، أي ما بين (80 و120 ألف دولار) لشقة لا تتجاوز 85 متراً مربعاً،
بينما سجل سعر المتر المربع الواحد من مساحة الأرض في وسط العاصمة وبعض
المناطق الفاخرة إلى نحو ألف دينار، ما يعادل 600 دولار، بينما في المناطق
الأخرى (الضواحي) وصل سعر متر الأرض ما بين 300 و450 ديناراً، أي ما بين
(200 و300 دولار).
وفي إطار آخر، تواصل المؤسسات الحكومية المعنية
بالسكن الاجتماعي توفير منازل سكنية للتونسيين، حيث أظهرت إحصاءات خاصة
بالوكالة العقارية للسكن أن نحو 167 ألف وحدة سكنية تم تشييدها منذ عشرين
عاماً لصالح 800 ألف ساكن منتشرين في مناطق مختلفة من العاصمة وبعض
الولايات الرئيسة الأخرى.
وتهدف الدولة من هذه المشاريع السكنية
الاجتماعية عبر قروض ميسرة يقع سدادها في آجال طويل الأمد وبنسبة فائدة
مخفضة إلى مساعدة المواطنين التونسيين للحصول على مكان للإيواء، في ظل غلاء
أسعار العقارات السكنية الخاصة.
وتفيد إحصاءات وزارة التجهيز
والبناء والتهيئة الترابية أن قطاع العقارات في تونس شهد تطوراً من حيث عدد
المساكن الموجودة، حيث وصل عددها إلى نحو 2.889 مليون مسكن حتى نهاية
العام الماضي، فيما تتوقع الوزارة دخول مستثمرين عقاريين جدد في السوق
المحلية خلال السنوات المقبلة.
لكن، إحصائية المعهد الوطني للإحصاء
التي أفادت أن نحو 80 بالمئة من التونسيين يملكون منازل، تؤكد أن المواطن
التونسي لم يعانِ من وجود أزمة في السكن، إنما في غلاء أسعار العقارات
السكنية والأراضي.
وبدورها أكدت إحدى المواطنات التي استفادت من قرض
بنكي من إحدى المؤسسات البنكية العمومية استطاعت من خلاله الحصول على منزل
في منطقة «خزندار» بالعاصمة، أن الحياة صعبة الآن، بحيث لا أحد يستطيع
القيام بعملية الشراء بالحاضر إلا بالقروض، وتقول، «إن القروض الخاصة
بالمنازل عليها فوائد كبيرة، أرهقتنا».
وأضافت «إنها التي أتمت سداد
القرض على مدى 15 عاماً، مشيرة إلى أنه في حال قامت ببيع منزلها، فإنها لن
تتمكن ثانية من الحصول على منزل بمواصفات خاصة بسبب ارتفاع الأسعار».
وترى
أن الآباء الآن ليس باستطاعتهم إعانة أبنائهم على الإيواء في منازل خاصة
لهم «بسبب ما قالته «صعوبة في الحياة المعيشية»، وكثرة المتطلبات
الحياتية»، حسب قولها.
وفي سياق آخر، قال مراقبون، إن قطاع
«العقارات» في تونس لم يتأثر كلياً بالأزمة المالية العالمية، بل واصل
السير نحو عمليات البيع والشراء والاقتراض سواء من باعث المشروع العقاري أو
المواطن، لكن عمليات المضاربة في هذه السوق التي ازدهرت خلال السنوات
الثلاث الماضية أدت إلى غلاء الأسعار الذي تسبب في تراجع الطلب.
وقال
فيصل المسعدي، خبير في الشؤون العقارية التونسية في الوقت الراهن هناك
تقدم كبير في سوق العقارات في تونس إذ نجد أن له مستقبلاً زاهراً وذلك
خلافاً لما كان في السبعينات والثمانينات التي كانت أغلبية العقارات
اجتماعية تنشأها الدولة ورخيصة.
وأضاف «إن العقارات في تونس تتجه
نحو البناء على الطراز الحديث، عبر تحسين البناء الهندسي للمنازل
السكنية»، مشيراً إلى أن سبب ذلك يكمن في تنويع العرض لتلبية احتياجات
السوق سواء من التونسيين في الخارج أوالأجانب أورعايا دول الخليج الذين
بدؤوا بشراء عقارات أو تنفيذها في تونس.
ورأى المسعدي أن قطاع
«العقارات» في تونس لم يتأثر بالأزمة العالمية بسبب اعتماد هذا القطاع في
أغلبيته على الأجانب والتونسيين في الخارج.
وأكد أن هناك ثقافة
معينة لدى المواطن التونسي العادي تدعوه للتفكير في تملك منزل، معتبراً أن
الاكتظاظ بسبب تحول العاصمة إلى ملتقى للتونسيين من الأرياف والمدن الأخرى
جعل المواطن يفكر في التملك على الاستئجار بسبب غلاء الأخيرة.
وعزا
الغلاء في أسعار العقارات في تونس إلى العرض والطلب، مشيراً إلى أن ذلك
دفع بالتونسيين إلى العودة إلى المساكن الاجتماعية حسب إمكاناتهم المادية
التي تخول لهم في أغلب الأحيان شراء عقار متوسط الدرجة.
ودعا المصدر
الحكومة التونسية إلى وقف خصخصة ميدان العقارات السكنية، معتبراً أن
الحكومة لا تعمل في الوقت الحالي على الحد من غلاء العقارات في تونس.
وقال مسؤول آخر إن المواطن التونسي نجده يلجأ إلى الاقتراض في كل شيء سواء لقضاء عطلة صيفية أو شراء سيارة أو مسكن.
وأضاف
رغم زيادة القروض الممنوحة في قطاع العقارات، فإن هذه السوق لم تتأثر
بالأزمة المالية العالمية من ناحية البنوك بسبب عدم منح قرض لأي شخص إلا
بعد التأكد من إمكانية سداده.