صناعة الطيران في تونس تحقق عائدات مرتفعة وفرص عمل

صناعة الطيران في تونس تحقق عائدات مرتفعة وفرص عمل












يشهد
قطاع «الطيران» في تونس خلال الفترة الحالية أوج ازدهاره، لا سيما بعد
إنشاء مجمع صناعات الطيران والفضاء التونسية (جيتاس). ويعتبر القطاع من بين
القطاعات الاستراتيجية الواعدة التي تدعم اقتصاد البلاد وتحقق عائدات
مرتفعة من النقد الأجنبي، وما يوفره من فرص العمل.

وقال نور الدين
زكري، مدير عام الاستثمار الأجنبي في وزارة التنمية والتعاون الدولي، إن
تطور قطاع «صناعة الطيران» في تونس هو مسار طبيعي لتطور الصناعة التونسية،
خصوصاً الاستثمار الأجنبي.

ولفت إلى أن الاستثمارات الأجنبية
الأولى في تونس كانت في مجال صناعة المنسوجات والصناعات الميكانيكية
والإلكترونية، لا سيما بعد توقيع اتفاقية التجارة الحرة مع الاتحاد
الأوروبي وتنفيذ برامج عدة للارتقاء بالجودة. وعملياً، فقد تم دمج جميع
الشركات المحلية في هذا المجال مع مراعاة معايير الجودة المطلوبة من قبل
الاتحاد الأوروبي.

وأوضح زكري أنه خلال السنوات الأخيرة شهدت هذه
الاستثمارات تحولاً نحو قطاعات نمو جديدة ذات قيمة عالية مثل «صناعة
الطيران»، خصوصاً بعد تطور نشاط بعض الشركات العاملة في الصناعات
الميكانيكية والكهربائية التي بدأت في إنتاج بعض مكونات الطائرات. أما
الشركات الأخرى المتخصصة في مكونات السيارات فقد كانت متأخرة نوعاً ما
نظراً إلى ضعف التكوين والجودة في حين أن القطاع يستوجب معايير جودة غاية

في الدقة.

عدد الوحدات

وقد
شهدت «صناعة الطيران» تطوراً ملحوظاً تمثل في تطور عدد الوحدات من 6 خلال
2001 تشغل 951 شخصاً إلى نحو 50 وحدة بداية 2010 لتشغل نحو 4 آلاف شخص.

وتطورت
«صناعة الطيران»، لتحقق 117 مليون دينار تونسي (90 مليون دولار) خلال
2008، مقابل 18 مليون دينار تونسي (14 مليون دولار) في 2003.

وتحققت
هذه الأرقام من قبل الشركات الكبرى مثل «سيا»، و«لاتيلاك»، و«زودياك»،
و«أوروكاست»، و«كوفيتال»، و«مات»، و«تيتاي»، والتي توفر 83 بالمئة من
الإنتاجية.

وما يزيد على 50 بالمئة من هذه المؤسسات عبارة عن ورشات
ميكانيكية تستقطب الأيدي العاملة المختصة، وتشغل عدداً محدوداً من العمال
في الشركة الواحدة نظراً لمراحل الإنتاج التي غالباً ما تكون أوتوماتيكية.

وتعمل
أغلبها في إنتاج مكونات الطائرات المختلفة مثل تصنيع الأسلاك الكهربائية
والأجزاء الدقيقة والبطاقات الإلكترونية عالية الدقة، فضلاً عن صيانة
الطائرات وتدريب الطيارين وتقديم الاستشارات.

محاور رئيسة

وأوضح
زكري أن أنشطة هذه الشركات تدور حول ثلاثة محاور رئيسة. يتمثل المحور
الأول في الهندسة التي تشمل الإلكترونيات والأنشطة المتصلة والمكونات
الإلكترونية وتطوير البرمجيات.

أما المحور الثاني فهو الإنتاج
والذي يشمل تصنيع الآلات وتجميع قطع الطائرات وقطع البلاستيك ومعالجة
الواجهات والصفائح المعدنية الرقيقة. أما محور الخدمات فهو يشمل الصيانة
وغيرها.

وتعتبر فرنسا الشريك الأول لتونس في هذا القطاع، إذ توجد
37 شركة فرنسية مقيمة تؤمن 3600 فرصة عمل، أي نحو 90 بالمئة من من فرص
العمل في القطاع. وأما الجنسيات الأخرى فمن إيطاليا وبريطانيا والولايات
المتحدة الأمريكية مؤسسة صناعية واحدة وتؤمن مجتمعة 200 فرصة عمل، أي 5
بالمئة من جملة الفرص.

وقال زكري «إن القطاع في تناسق تام مع
الاستراتيجية التونسية للتنمية، خصوصاً في اجتذاب الاستثمار الأجنبي
المباشر. كما أنه يتفق مع النقطة الـ11 من البرنامج الرئاسي 2009 - 2014،
والتي تتحدث عن الاقتصاد ذات المحتوى التكنولوجي الرفيع، صديق البيئة،
والمقتصد للطاقة والمبتكر، ويقدم لنا حلولاً لخلق فرص عمل لخريجي الجامعات
الجدد».

مشاركات دولية

ونوه بالجهود الكبيرة التي تبذلها
تونس للترويج لهذا القطاع من أجل تقديم البلاد كموقع ملائم لتطوير هذه
الأنشطة، ولا سيما المشاركات التونسية في أكبر التظاهرات الدولية في هذا
المجال على غرار صالونات كندا وفرنسا وألمانيا، إلى جانب التظاهرات التي
تقام في تونس على غرار منتدى «قرطاج»، والملتقى الدولي الثاني لصناعة
الطيران والفضاء الذي سيعقد غداً ويستمر ثلاثة أيام.

وقد شهد القطاع
ديناميكية جديدة منذ 2006، خصوصاً بعد إعلان إنشاء شركة «إيروليا»
الفرنسية، فرع (إيرباص)، لتصنيع هياكل الطائرات، وحيث تم خلال النصف الأول
من 2010 وضع حجر أساس تشييد مصنع لها بمنطقة المغيرة بولاية بن عروس، إقليم
تونس الكبرى، وهو مشروع يمتد على مساحة 9 هكتارات بتكلفة تبلغ نحو 60
مليون دولار.

وفي تصريح لـ«الرؤية الاقتصادية»، قال محمد بن عبد
اللـه، المدير العام للوكالة التونسية للنهوض بالصناعة والتجديد، إن هذا
المشروع يندرج ضمن إطار الشراكة المتبادلة التي تصبو إليها الدولة في مجال
التنمية الصناعية وتنمية الموارد البشرية.

وأضاف «إن تنفيذ هذا
المشروع، هو تطبيق فعلي لاستراتيجية الدولة في مجال تنمية جيل جديد من
المشاريع في قطاع الأنشطة التكنولوجية ذات القيمة المضافة، وتترجم التقدم
المهم الذي حققته تونس من أجل تحسين مناخ الأعمال وتوفير سبل نجاح هذا
النوع من المشاريع».

الخطوط التونسية

وأوضح ابن عبد اللـه أن
اختيار تونس من قبل «إيروليا» لم يكن مصادفة، بل جاء إثر طلبية كبيرة من
طرف الخطوط التونسية، ويرجع ذلك أيضاً إلى عوامل عدة، لعل أهمها موقع تونس
الجغرافي واستقرارها السياسي والاجتماعي ودينامكيتها الاقتصادية والحوافز
التشريعية والتنظيمية التي تقدمها الدولة لدعم الاستثمار الصناعي، إضافة
إلى نوعية التعليم والتدريب والتأهيل والقدرة التنافسية للموارد البشرية.

وقال
إن إنشاء «إيروليا» في تونس وفتح فرع لها، وإنشاء قطب لصناعة الطيران لا
يمكن إلا أن يكون مفيداً لتونس ولاقتصادها، لاسيما من ناحية تحسين جودة
الاستثمار وتوفير مواطن الشغل كما هو مفيد للشركة الفرنسية التي تحصلت على
تنافسية أفضل لمواجهة منافستها «بوينغ».

وأشار ابن عبد اللـه إلى
أنه سيتم إرساء شراكة بين «إيروليا» ومراكز التكوين التونسية من أجل إعداد
الأيدي العاملة والكفاءات اللازمة للعمل في هذا المشروع.

وأكد أن
تونس تطمح وفق استراتيجية التنمية الصناعية حتى 2016 إلى مضاعفة عدد
المؤسسات العاملة في القطاع 3 مرات، لتتعدى 150 شركة. كما تسعى الدولة إلى
مضاعفة فرص العمل مرتين ونصف المرة في القطاع، ليبلغ عددها 10 آلاف فرصة
خلال 2016، يكون خريجو الجامعات أول المنتفعين بها مقابل 4 آلاف حالياً.

فرص عمل

وأضاف
ابن عبد اللـه «إن تشييد معمل (إيروليا) يشكل خطوة جديدة من أجل تحقيق
الأهداف التي رسمتها الدولة»، موضحاً أن تنمية هذا القطاع هو جزء من شراكة
رابحة بما يمكن من خلق صناعة ذات محتوى تكنولوجي قوي، ويشارك بقوة في خلق
فرص عمل للخريجين الجدد.

وعن الصعوبات التي يعرفها القطاع يشير ابن
عبد اللـه إلى أن الأزمة المالية العالمية كان لها تأثير إيجابي على تونس،
مما أسهم في استقطاب بعض الشركات العالمية الرائدة في هذا المجال نظراً
للقيمة التنافسية التي يقدمها مناخ الاستثمار في تونس وكفاءة اليد العاملة

وانخفاض كلفتها.

أما
داخلياً، فقال ابن عبد اللـه، إنه لا يوجد ما يدعو إلى القلق، خصوصاً مع
توافر المهارات التونسية الكافية والخبرات اللازمة، إضافة إلى توافر
الإمكانات الضروريـة لاستــقطاب ومواكبة آخر التكنولوجيات الحديثة على
المستوى الدولي.

ونوه بأنه وبفضل تظافر جهود الدولة مع مجمع صناعات
الطيران والفضاء التونسية (جيتاس)، فإن التكوين المختص في هذا المجال في
تطور مستمر ويسعى إلى تحقيق اكتفاء ذاتي في الموارد البشرية من دون اللجوء
إلى الاستعانة بالأيدي العاملة المختصة الأجنبية.